عودة البعثات الفضائية إلى القمر في 2022.. و3 دول تصل للمريخ

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أرست نجاحات استكشاف الفضاء في العام الماضي معيارًا عاليًا لعام 2022، فقد وصلت 3 دول بشكل غير مسبوق إلى كوكب المريخ وهبطت عليه في وقت واحد، وأجرت مروحية إنجينويتي التابعة لوكالة ناسا أول رحلة  في سماء  كوكب آخر مما أدى إلى تغيير مستقبل استكشاف المريخ، وكان موضوع الكويكبات حاضرا، حيث انطلق كل من المسبار "لوسي" لدراسة كويكبات طروادة حول المشتري والمركبة "دارت" التي تهدف إلى تغيير مسار كويكب ضمن برنامج الدفاع الكوكبي.

 

كما ارتفعت أعداد رواد الفضاء الجدد الذين اختبروا الجاذبية الصغرى، وشاهدوا كوكبنا الأزرق، وكان الحدث الأبرز في نهاية عام 2021 حيث الإطلاق الناجح لتلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي طال انتظاره، والذي من المقرر أن يحدث ثورة في كل فرع من فروع الفيزياء الفلكية تقريبًا، فهل سيكون العام 2022 على مستوى التحدي؟

 

خلال الأشهر الـ 12 المقبلة لاستكشاف الفضاء سنشهد عدة برامج ولكن بدون وجود بعثات فضائية عربية سواء إلى القمر أو بين الكواكب باستثناء برامج مستقبلية لدولة الإمارات العربية المتحدة تتمثل بمشروع انزال مسبار يسمى "راشد" على سطح القمر في 2024 ومشروع لإرسال مسبار إلى كوكب الزهرة وحزام الكويكبات  يتوقع أن ينطلق في 2028. 

 

وعن استكشاف القمر عالميا  يستعد البشر أخيرًا للعودة إلى القمر كجزء من برنامج "أرتيمس" التابع لوكالة ناسا، على الرغم أن هذا لن يحدث إلا بعد ثلاث سنوات على الأقل حتى تطبع آثار أقدام جديدة سطح القمر، الا أنه سيتم في ربيع 2022 (مارس / أبريل) اختبار "ارتيميس 1" في رحلة  غير  مأهولة لكبسولة "اورايون" وأول رحلة لنظام الإطلاق الفضائي (إس إل إس) التابع لناسا، وهذا يذكرنا برحلة أبولو 8 ، حيث سيتم اختيار جميع أنظمة الإطلاق ودعم الحياة والعودة استعدادًا لـ"ارتيميس 2" وهي مهمة مأهولة من المقرر إجراؤها في عام 2024.

 

قد تبدو عودة البشر إلى القمر مهمة غير مجدية إلى حد ما بعد بعثات أبولو في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. يمكن القول إن جمع عينات جديدة لمعدات التحليل الأكثر تقدمًا لدينا هو دافع كافٍ، لكن السبب الحقيقي أكثر إثارة بكثير وهو التحضير لبعثات مأهولة إلى المريخ.

 

وسيشهد برنامج "أرتيمس" مهام مكثفة لاستكشاف القمر تستمر لأسابيع أو أشهر، واختبار التقنيات مثل بدلات الفضاء والبيئات الصالحة للسكن هذه المرة سيعود البشر إلى القمر للبقاء هناك. سيتم تشغيل العديد من المهام الآلية جنبًا إلى جنب مع "أرتيمس 1"، بما في ذلك عشر أقمار صناعية مصغرة ( كيوبسات) في مهمة مدتها 18 شهرًا، ستستخدم المركبة "كيوبسات بيوسينتينل" لدراسة تأثير إشعاع أعماق الفضاء على إصلاح الحمض النووي، وهي اعتبارات أساسية لاستكشاف الإنسان للمريخ.

 

كجزء من برنامج خدمات الحمولة التجارية على سطح القمر التابع لوكالة ناسا، سترسل شركة "انتويتيف ماشينز"  اثنين من مسابير الهبوط Nova-C إلى القمر. الأول، سيتم إطلاقه في الربيع، يحتوي على العديد من الأجهزة التكنولوجية، بما في ذلك أول مسبار متجول تابع للمملكة المتحدة.

 

الثاني المقرر إطلاقه في ديسمبر، سيتم إرساله إلى القطب الجنوبي. جزء من الحمولة هو جهاز لاستخراج الجليد من الموارد القطبية يسمى (برايم-1) ، وهو مصمم لاستخراج الجليد المائي وهي قطعة تقنية أساسية لإرسال البشر إلى المريخ.

وسترسل روسيا في يوليو، المسبار (لونا - 25) لاستكشاف تكوين الثرى القطبي (السطح المترب) والغلاف الخارجي ("الغلاف الجوي" القمري الرقيق للغاية).

 

كما ستقوم اليابان بأول مهمة لها على سطح القمر بواسطة مسبار هبوط يوصف بأنه "ذكي" يحتوي على تقنيات هبوط أكثر دقة 200 مرة من تلك التي كانت في عصر ابولو.

 

أخيرًا، ستعيد الهند محاولة الهبوط وتحريك مسبار متجول على القمر باستخدام شاندرايان-3 (حدث خلل في البرنامج شهد اصطدام شاندرايان-2 بسطح القمر في سبتمبر 2019).

 

كما سيشهد منتصف سبتمبر 2022  إطلاق الجزء الثاني والأخير من بعثة المريخ (اكسو مارس)،  وهو مشروع مشترك بين وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الروسية . ففي العام 2020 أجهضت مخاوف المظلة الإطلاق المخطط، ولكن جميع الأنظمة "جاهزة" الآن لمركبة الهبوط الروسية "كوزاتشوك" والمسبار المتجول الأوروبي "روزاليند فرانكلين".

 

كما هو الحال مع أي مركبة فضائية على كوكب المريخ، يحمل المسبار المتجول "روزاليند فرانكلين" عددًا لا يحصى من الكاميرات وأجهزة الطيف وأجهزة الاستشعار، ولكن مما لا شك فيه أن الجهاز الأكثر إثارة هو المصمم  لأخذ عينات من التربة من عمق مترين تحت السطح، بعيدًا عن الأشعة فوق البنفسجية التي تضرب سطح كوكب المريخ.

إن المسبار المتجول  "روزاليند فرانكلين" لديه هدف واحد في مهمته التي تستغرق 7 أشهر - وهو العثور على دليل على أشكال الحياة على الكوكب الأحمر، في الماضي أو الحاضر.

 

كما سيشهد أواخر الصيف إطلاق الصاروخ "فالكون هيفي" التابع لشركة سبيس اكس، وعلى متنه مركبة "سايكي" المدارية التي من شأنها تعزيز معرفتنا بأصل نوى الكواكب من خلال فحص الكويكب المعدني (يحمل الاسم نفسه) سايكي 16، الذي يُعتقد أنه النواة المتبقية لكوكب بدائي.

 

إضافة لذلك سيُطلق "جانوس" مع "سايكي"، وهو مسبار فضائي مزدوج يستكشف كويكب ثنائي، وفي بداية شهر أكتوبر، ستحلق المركبة "دارت" بالقرب من الكويكب "ديديموس" وستصطدم بقمره الصغير "ديمورفوس" ، لتكمل أول اختبار دفاع كوكبي كامل لوكالة ناسا. 

 

بالنظر إلى الأجسام الأخرى في النظام الشمسي، ففي مايو ستنطلق مهمة (جوس) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية لاستكشاف أقمار المشتري الجليدية، لتصل إلى العملاق الغازي في عام 2029 ، حيث ستمضي ثلاث سنوات على الأقل في استكشاف نظام المشتري.

 

بحلول قرب نهاية شهر يونيو 2022 ، سيقوم المسبار "بيبيكولومبو" بثاني رحلة تحليق  قريبة من عطارد؛ وفي نهاية شهر سبتمبر ، سوف يمر المسبار "جونو" قرب يوروبا ، من مسافة  355 كيلومترًا فوق سطح هذا القمر الجليدي المثير للاهتمام، يمكننا أن نتوقع صورًا عالية الدقة لأسطح كلا الجسمين.

 

وإذا استمرت تهيئة وضبط تلسكوب جيمس ويب بنجاح ، فيمكننا توقع رؤية الصور العلمية الأولى منه في شهر يونيو تقريبًا.، إضافة لذلك هناك مهمة لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية وتلسكوب الأشعة السينية XRISM التابع لوكالة ناسا (يُطلق عليها "كريسم").

 

مثل تلسكوب جيمس ويب ، إنه تلسكوب من الجيل التالي وسيحدث ثورة في فهمنا لبنية الكون ويوفر نظرة ثاقبة لنواة المجرة والمادة المظلمة.

 

يتوقع أن يكون أفضل من مرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية ومرصد إكس إم إم نيوتن الفضائي وسيثبت أنه لا يقدر بثمن بالنسبة لعلماء الفلك الأشعة السينية ، حيث لن يتم إطلاق مرصد  "أثينا" و مرصد لينكس للأشعة السينية البديلة حتى نهاية العقد.

وبحلول نهاية عام 2022 ، يفترض أن تنتهي الصين من بناء محطة تيانجونج الفضائية ، مضيفة وحدتين اختبارية إلى الهيكل الحالي.

تم التخطيط لبعثتين مأهولتين للمساعدة في استكمال المحطة ، واحدة في مايو والأخرى في نوفمبر، وستكون هناك رحلات متكررة إلى محطة الفضاء الدولية.

بصرف النظر عن مهمات طواقم سبيس إكس وسويوز، فإن شركة أكسيوم سبيس تخطط لمهمتين ، كل واحدة تأخذ رائد فضاء محترفا وثلاثة رواد فضاء طاقم تجاري في إقامات 8 و 10 أيام ، على التوالي.

إن معظم الركاب في الرحلات الفضائية الخاصة يندرجون في فئة الأثرياء، إضافة للفائز في برنامج تلفزيون الواقع على قناة ديسكفري "من يريد أن يكون رائد فضاء؟" سوف ينطلق  على رحلة أكسيوم ميشن 2.

 

سيشهد هذا العام العديد من الأوائل في رحلات الفضاء، ففي النصف الأول من عام 2022 ، تخطط شركة بوينغ لإجراء رحلة تجريبية ثانية غير مأهولة لكبسولتها ستار لاينر (فشلت محاولتها الأولى في الالتحام بمحطة الفضاء الدولية في ديسمبر 2019)، إذا نجحت فسيقومون بإجراء رحلة تجريبية بطاقم في وقت لاحق في عام 2022.

 

يتوقع أن يتم إطلاق أولى الرحلات لصاروخ "أريان 6" لشركة أريان سبيس ، الصاروخ "نيو جلين" لشركة بلو أوريجين (أول صاروخ من فئة المدار) ، والصاروخ "ستار شيب" التابع لشركة سبيس إكس  ، والصاروخ "فولكان سينتور" التابع لتحالف الإطلاق المتحد ، المصمم ليحل محل "أطلس 5" و "دلتا 4 هيفي".

 

مع ذلك، فإن أكثر المغامرات إثارة للاهتمام في رحلات الفضاء تأتي من الهند، والتي ستطلق صاروخ إطلاق قمر صناعي صغير لأول مرة وتخطط لإجراء اختبارين بدون طاقم لمهمة غاغانيا الفضائية.

 

إذا نجحت المهمة المأهولة في عام 2023 ، فستكون منظمة أبحاث الفضاء الهندية  الرابعة فقط في العالم ترسل البشر إلى الفضاء. 

 

إن كل هذا يشير إلى أن عام 2022 يتشكل ليكون أحد أكثر سنوات استكشاف الفضاء إثارة حتى الآن حيث ستقوم العديد من الدول برحلاتها الأولى في استكشاف القمر، ونرى الأنظار على المريخ والكويكبات، ومع الرحلات الأولى للعديد من الصواريخ المدارية الجديدة وتلسكوبات جديدة ومحطات فضائية جديدة وأقمار صناعية جديدة - إنها قائمة محيرة للعقل من الخطط الطموحة ونحن متحمسون لنرى نتائجها. 

 

اقرأ أيضا: شاهد| إطلاق «ستارلينك» بأول مهمة فضائية في 2022